مقدمة
مما لا شك فيه أن عالمنا اليوم يشهد تطورات متسارعة، وتغلب عليه تحديات عالمية معقدة بدءًا من تغير المناخ، مرورًا بالفوارق الاقتصادية والصراعات، وانتهاءً بالتدهور البيئي وانعدام الأمن الغذائي، مما يجعل البيانات تلعب دورًا محفزًا للتغيير الإيجابي أكثر من أي وقت مضى. وإن النهج القائم على البيانات مدعومًا بالتطور في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي أصبح أداة قوية ليس فقط لدفع الابتكار، ولكن أيضًا لتشكيل السياسات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة في الأجندات مثل استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة على المستوى الوطني، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 على المستوى الدولي.
ويهدف منتدى الدوحة للبيانات الثاني إلى استكشاف الدور الحاسم للإحصاءات وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي في مواجهة تحديات الاستدامة العالمية. وبالإضافة إلى تحليل الاتجاهات السابقة، أصبح بإمكان النهج القائم على البيانات أن يتنبأ بالسيناريوهات المستقبلية، ويحدد المخاطر، ويصمم التدخلات المستهدفة. بل أصبح من الممكن من خلال التعلم الآلي الكشف عن أنماط في مجموعات بيانات واسعة، فيما يعزز الذكاء الاصطناعي القدرة على تتبع ومراقبة البرامج البيئية والاجتماعية. وهكذا، إن كل هذه التقنيات مجتمعة أحدثت ثورة في التنمية المستدامة من خلال التنبؤات الدقيقة، وتخصيص الموارد بالشكل الأمثل، واتخاذ القرارات الصائبة في الوقت الفعلي.
كما يركز المنتدى على الابتكار في البيانات باستخدام تقنيات متقدمة لتطوير حلول جديدة وتحسين العمليات. ومن خلال تعزيز ثقافة الابتكار في البيانات، يسعى المنتدى إلى دفع عجلة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة واستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.
ويؤكد المنتدى على أن تسخير البيانات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من أجل التنمية المستدامة بنجاح يتطلب تضافر الجهود عبر مختلف القطاعات والتخصصات، حيث سيجتمع في هذه الفعالية المتميزة خبراء في مجالات متنوعة، مثل علوم البيانات والاقتصاد والدراسات البيئية والسياسة العامة والعلوم الاجتماعية، لتبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات. كذلك ستتشكل لدى واضعي السياسات رؤى قيمة في مجال صنع القرارات القائمة على الأدلة، بينما سيتبادل الممارسون منهجيات وأدوات مبتكرة لجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها.
والأهم من ذلك أن المنتدى ليس منصة لتبادل المعرفة بين أصحاب المصلحة فحسب، ولكن أيضًا يعتبر فرصة سانحة لتحفيز الجهود المبذولة نحو الاستفادة من البيانات من أجل التنمية المستدامة. ومن خلال ورش العمل التفاعلية وحلقات النقاش، وجلسات التواصل، سيتم تشجيع المشاركين على إقامة شراكات، وتحديد التحديات المشتركة، والمشاركة في وضع حلول للاستفادة من الإمكانات التحويلية للبيانات.
ومن خلال تعزيز ثقافة التعاون وتبادل المعرفة، يهدف منتدى الدوحة الثاني للبيانات إلى تمكين أصحاب المصلحة من تسخير الإمكانات الكاملة للبيانات في مواجهة تحديات الاستدامة العالمية. ويمكننا معًا خلق فرص جديدة، وتحفيز الابتكار، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر إنصافًا ومرونة واستدامة للجميع.